الصلاة في السفر
أم أحمد: من يطرق الباب؟
أب أحمد: افتحي الباب بسرعة يا أم أحمد, لعله عاد من نتيجة الامتحانته.
أحمد: السلام عليكم.
أم أحمد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أحمد: الحمد لله يا أماه, لقد نجهت في الامتحانات! وكتب اسمي في أول قائمة المتفوقين في المدرسة.
أم أحمد: الحمد لله! الحمد لله!
أب أحمد: بارك الله فيك يا بني! أسأل الله أن أراك يوما عالما كبيرا تنفع الإسلام والمسلمين.
أم أحمد: اللهم آمين.
أحمد: بقي أن تفي بوعدك لي أبي.
أب أحمد: نعم يا أحمد, أذكر وعدي جيدا.
أحمد: متى سنسافر يا أبي؟
أب أحمد: غدا إن شاء الله, نسافر لزيارة أبناء عمك يا أحمد.
أب أحمد: هل انتهيت يا أم أحمد من اعداد حقيبة السفر؟
أم أحمد: نعم, ها قد انتهيت والحمد لله.
أب أحمد: وهل صليت ظهر؟
أم أحمد: نعم!
أب أحمد: إذن هيا لنصلي عصر جمعا.
أم أحمد: وكيف نجمع ونحن لم نسافر بعد؟
أب أحمد: شرع أن لنا الجمع دون قصر مع دمنا نوينا سفر.
أم أحمد: وهل سوف نصلي جمعا وقصرا؟
أب أحمد: لا, فليس من لزم جواز جمع القصر, فقد يجوز جمع ولا يشترط القصر. فلقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فإزالت الشمس صلى الظهر والعصر جمعا.
أم أحمد: صدق الله إذ يقول. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر.
أب أحمد: الحمد لله, وجدت ... خالية في حافلة المسافرة إلى وجهتنا.
أحمد: ومتى ستنطلق حافلة؟
أب أحمد: هي على وشكل انطلاق يا أحمد.
أم أحمد: لقد أزلنا للمغرب ونحن في القطار ولم نصلي بعد.
أب أحمد: سنصليه جمعا وقصرا مع العشاء عندما نصل إن شاء الله.
أحمد: وما معنى قصرا يا أبي؟
أب أحمد: أي أننا سنصلي العشاء ركعتين فقط يا أحمد.
أحمد: ولكن هل هذا جائز يا أبي؟
أب أحمد: نعم يا بني, فقد قال تعالى: ) وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا)
فالله سبحانه وتعالى يخبر المؤمنين في هذه الآية أنهم إذا سفروا فلهم أن يقصروا من الصلاة مفروضة, فيصلوا الصلاة رباعية ركعتين أي الظهر والعصر والعشاء. فالإسلام دين اليسر.
أحمد: إذن, فصلاة الصبح تصلى ركعتا واحدة, وصلاة المغرب ركعتا ونصف. أليس كذلك يا أبي؟
أب وأم أحمد: هههههههه!
أب أحمد: لا يا بني, لا يا أحمد, فصلاة الصبح والمغرب لا قصر لهما, إنما القصر لصلاة رباعيتي فقط.
أحمد: وهل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ذلك؟
أب أحمد: نعم يا أحمد, فالقصر في سفر سنة رسول صلى الله عليه وسلم وسنة خلفاءه الراشدين. فالرسول الله صلى الله عليه
وسلم لم يصلي في سفره إلا ركعتين وكذلك أبو بكر, وعمر, وسائر الصحابته رضوان الله عليهم أجمعين.
أحمد: ولكن, ألم يقول الله سبحانه, (إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ) ونحن في أمان الآن, فلماذا نقصر الصلاة يا أبي؟
أب أحمد: ورد في السنة عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب إنما قال الله تعالى أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن
يفتنكم الذين كفروا وقد أمن الناس, فقال عمر: عجبت مما عجبت منه, فذكرت ذلك لروسل الله صلى الله عليه وسلم فقال:
صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته.
أم أحمد: وهل حدد العلماء مسافة معينة للسفر كي يقصر المسلمون من الصلاة؟
أب أحمد: ذهب جمهور العلماء إلى تحديد مسافة لسفر مبيح لقصر في الصلاة, ولكن الرجيح والصحيح أن القصر جائز في كل
سفر مباح, وأنه لا حد للمسافة ولكن يرجع ذلك للعرف.
أحمد: أبي, لماذا لم نصلي ظهر قصرا في البيت ما دام أننا سنسافر؟
أب أحمد: ليس كذلك يا أحمد, فالمسافر لا يقصر صلاة حتى يخرج من بيوت قريته ولا يتم حتى يدخل أول بيوتها.
أم أحمد: وهل يجوز للمسافر إذا أقام في بلد أن يقصر صلاة ؟
أب أحمد: المسافر يقصر الصلاة ما دام مسافرا فإن قام إلى حاجة ينتظر قضاءها قصر صلاة كذلك لأنه يعتبر مسافرا.
فقد مكث
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة بعد الفتح عشرين يوما يقصرون الصلاة.
أحمد: يا الله! ما أيسر هذا الدين.
أب أحمد: ها قد وصلنا والحمد لله.